عودة كافكا
تقف كتيبة من الحراس تحرس أمام باب الوزارة . معلم من
ضحايا النظامين أتى من فرعية بعيدة و يطلب
من الكتيبة الاذن لولوج الوزارة .و لكن الحراس يفهمونه أنه من غير الممكن أن
يدخل إلى الوزارة في هذا الوقت .و لكن إن انتظر سيدخلون إلى الوزارة نيابة عنه
.فكر المعلم المسكين وقال لهم إن كان بإمكانه الولوج في تاريخ لاحق ؟ أجابه الحراس " أن هذا
ممكن ،لكن ليس الآن " . يختفي الحراس من أمام الباب المفتوح دائما ، و يميل
الرجل محاولا استراق نظرة إلى الداخل . ينظر الحارس و يضحك : إن أردت ،حاول الدخول من إذني ودعمي و سترى كم أنا قوي .و أنا فقط أصغر الحراس .
ستجد المزيد و المزيد من الحواجز الصعبة عند كل مدخل مكتب .و ابتداءا من المكتب
الثالث .هناك مكاتب لا أتحمل أنا الوجود فيها .
الحارس مد له مقعدا خشبيا باهتا و أجلسه قرب الباب . و بقي جالسا أياما و
شهورا و سنوات ...كان الحراس يجرون معه ما يشبه التحقيق .فيسألونه عن فرعيته
البعيدة التي لا يعرفون مكانها في الخريطة ، و عن انتمائه و عن مواضيع كثيرة . و
لكن هذه ليست إلا أسئلة لامبالية كما يطرحها كبار المسؤولين . و دائما تنتهي الأسئلة بتلك الجملة المحيرة
للمعلم الضئيل " لا يمكننا أن نسمح لك بالدخول" . المعلم المسكين الذي
وفر مستلزمات و وضع ترتيبات باقتناء البطاقة النقابية و الحزبية و حمل معه من
أشياء محلية من قريته المفقودة بين الصحاري و التي لم تدل عليها إشارات المرور ،
أشياء من المفروض تسمح له برشوة الحارس .و بالطبع كان الحارس يأخذ منه كل ما يمده
له و يقول له " أنا أقبل منك هاته الأشياء حتى لا تظن أنك أهملت شيئا لم
تفعله "
خلال سنوات الانتظار الطويلة لم يكف عن مراقبة الحارس
حتى نسي الحراس الآخرين .و بدا له أن هذا الحارس الأول هو الذي يقف حائلا أمام
الولوج إلى الإدارة . و كان يلعن سوء الحظ و الصدفة في السنوات الأولى .في وقت
لاحق عندما بدأ يكبر ،أخذ يتذمر فقط ، و لم ينسى أبدا السنوات الطويلة التي درسها
و عاد إلى الطفولة .
و بينما كان يدرس خلال هذه السنوات الطويلة شخصية الحارس
، تعرف حتى على البراغيث في ياقة قميصه ، و كان يصلي لكي تساعده البراغيث في ثني
الحارس و تركه يلج . أخيرا بدأ بصره يضعف و
لم يعد قادرا على تمييز الضوء من الظلام ، حتى و الظلام حينما كان يزحف إليه كان يظن أن عينه تخدعه فقط . لكنه الآن يلاحظ في الظل سطوع ضوء يضيء بشكل دائم عبر أبواب المدخل . و لكن لم يتبقى لديه الآن وقت للعيش .
قبل وفاته ، جاءت كل ذكرياته تضغط في دماغه
لفرض سؤال عليه ن لم يوجهه بعد إلى الحارس. و لم يتمكن من تصويب جسده المتصلب ، فاستعطف
الحارس القدوم ، فاضطر الحارس الى الاتكاء عليه بيديه ، لأن الفرق في
أحجامهم تغير بشكل كبير " ما زلت تريد أن تعرف ؟ يسأله . أنت نهم لا تشبع .
قال المعلم الشبح " إذا كان الكل يريد أن يلج هذا الباب كيف
يعقل أنه منذ زمن طويل لم يطلب أحد الولوج غيري ؟
رأى الحارس أن المعلم المسكين في نهايته
" و لكي يصل إلى طبلة أذنه الميتة "
لا أحد غيرك له الحق في الولوج من هذا
الباب ،لان هذا المدخل صنع من أجلك . الآن أنا ذاهب و سأسد الباب .