الجمعة، 26 مايو 2023

اعترافات معلم بوكماخي

 


 

استهلال

حسنًا ، نعم ، أقر بذلك..

صدقت وهمي الذي هرم معي

الآن بعد أن ارسلوني للتقاعد

أمشي متثاقلا  ببطئ

و هذه الريح الماكرة تهزمني  

و لكن لا بأس يا بني  

سأجلس فوق كرسي من رماد لاعترف

اعترف حتى بما لم اقترف

وما هو التعليم؟

 قوة هائلة  أجابني الحكيم

كنت أظن ان التعليم مهنة النبلاء

و انني الموكول اليه تعبيد الطريق الى الضياء

الطريق المظلم للمنحدر الخشن

لمن يلمس الرمل  و يرى

لمن يغرس التأمل العميق  و يرى .

كنت فلاحا أجعل الزهور تنبت في طريق الصغار

و اجعل من الامل روحا تشرق مثل  الهزار  

و أراقب متطفلون سياسيون على الجمهور

 الذين  ادعوا انهم - بدوني -  يصنعون عالما افضلا

تركوا فوق وجهي الممسوح المنهار

تقرحات الحزن المنسي  والقشور المرعبة

و  النشيد الذي ضاع صعودًا نحو الصمت

أكنا أجساد بلا ذاكرة نائمة في ظل منحدرات الاندثار ؟

يا الاهي

 لهم قدرة رهيبة على التلاعب بمصائرنا بلا رحمة .

1 الخيبة :

 وا  خيبتاه  ..ايها الزميل المنسي

لقد كنا وحدنا في الزمن المدرسي

كنا  معلمين وحيدين مثل الريح

تعوزتنا  الكلمات  و نمشي الهوينى

في فصول حزينة مقفرة .

و لا أحد بجانبنا يتلقفنا اذا سقطنا .

2 القصيدة :

بالتأكيد لم أقترب من كتابة

قصيدة واحدة بربع  جودة

معلم هرم يصيح في " باب الرواح .

و لم يلهمني جنوني الجميل

أو أحلك أحلامي وأكثرها تعقيدًا حتى النواح

طرق أبواب ماركيز ليبيعني صفحة من

مائة سنة من العزلة .

أو الكولونيل الذي لا يكاتبه احد

لاكتب عن لغة نضالية رديئة

مجرد شبه جملة من الكلام المباح

تفضح هذا الغزو و هاته النكبة .

لم يلهمني

عشقي الادبي   الحزين ، الموقع بآلاف

الساعات فوق  حصيرة الحرمان

 لم يجعل مني أن اكون

و لو شاهدا ثانويا  في محاكمة كافكا  المدان.

الآن مطلوب مني أن لا انظر ورائي

مطلوب مني أن أغادر الميدان مهان

و لم يتبقى لدي أي شيئ تقريبا

فقط بعض الحزن في المقهى

و قراءة كتب اريد قراءتها مرة اخرى

قبل أن تنطفئ شمعة   الزمان .

 

3 ممثل نقابي

الذي كان متناقضًا و  مثيرًا للصياح

مثل حصان لاحم  يا صاح

 لقد كان معنا   قبل أن يصير نقابيا

كلبا لا يتوقف  بيننا عن النباح

(و نكاية فيه أو فينا ...ليتني أعرف   )

 للتخلص منه

 قدمناه للترشيحات النقابية   

فصوب فأسه الى مكعبات هرمة تحمل

تمثال التعليم المنهار .

4 نعم صحيح :

نعم ، صحيح ، لم أتمكن من العيش بكرامة  ،

على الرغم من أنه كان من دواعي سرور معلم بوكماخي  هرم

أن يحصل على اعتراف

اعتراف كرجل لا غنى عنه .

أنا الذي هرب مستقبلكم  من الجحيم

بين ناطحات سحاب من الأخطاء التنظيمية والانهيارات النضالية ،

بين الفلسفات الصريحة والملابس الداخلية  للاحزاب  عديمة الحياء

و خنادق الجرائد الخائنة

والموت من النسيان الوزاري

  والآفاق  النقابية الوقحة ؛

أنني حصلت على مخزون من الأقفاص وعقود مستقبلية لا

تُحتمل بمدفعية خيبة الأمل ...

5- ممثل نقابي

وهذه ليست أشياء جديدة

من كان ينبح قربنا قد رحل

سمح له إدمانه للحوم و الحلويات

 وروائح  علب  الليلية الزائفة

 بكسب دريهمات

في تجارة النيابة   المربحة ،

كما أن عمله في تجديد الفروع النقابية

وطد   علاقته الكحولية

مع عضو المجلس الوطني

 و مع مدير فرع البنك .

و في الاخير ...ماذا ؟

جلبت أصفار  من حسابه المصرفي

إلى تلك الخاصة بحساب صاحب الخمارة.

طبعا  مناضل كحولي ، لا أصدقاء له

فقط غرباء ذو شعور مستعارة

 ونظرات مشبوهة موحية .

6 – صحيح ايضا :

لم أستطع   قط أن أحل مشكلة

 كسرة  الجوع في قسمي

و لم أستعمل فوق الوجوه " كريمات " الكفايات .

لم تجعلني خلفيتي التربوية  الجيدة مقدسا ،

ولم تجعلني حسناتي  مستحق لمفتش شيطان ،

ولا قذفاتي الطائرة للواقعية السحرية .

لقد كنت مهزوما بآلاف الأهداف

و رقما صعبا تخشاه كل الاطياف .

ومن الواضح أنني لم أفز أبدًا بأي امتحان مهني

أو أن مواهبي التربوية  ابتكرت شيئًا آخرا

 لـتأمل باولو فريري   أمام  "غيرنيكا" بيكاسو ،

أو وقفة نيرون فوق روما  و هي تحترق

ولا ، بالطبع ، أوصلني يأسي

 الى بواب  صغير جدا في  "باب الرواح "

المعقل الرهيب للوزارة و النقابة

 فقط اوصلني الى فرعيتي المنسية  ،

و الى  بعض مجالس الحزينة للمقاهي  في مدينتي .

7 – لمن تنادي ؟

يا زعيم الصفوف النقابية الحالمة

أين أخطأت أمام سعادة العداد !؟

و كيف توقفت المحابر لتكتب اسمي

و انكسرت الريشة و جف المداد ...؟؟؟

8 – الحقيقة ؟

الحقيقة الصادقة هي أنني اضطررت إلى قبول

بعض أنصاف الاعترافات الحزينة على هامش  منتديات حوارية  ،

و من وزير اسمه الوفا .

اللعنة على المنصة التي تبولوا علي منها

و ضربوني على القفا

بينما أمر التحالف الوزاري النقابي  باغتيالي

 عشيرة رؤساء السياسيين  قسوة وقبحًا ،

أخرجوا مناضليهم من القبور ليلتهموا الاحياء

بقيادة عصابة من العقول المضحكة ،

يتقدمهم  رجل أعمى مذهل

يداعب  مسبحة  صينية

قدمها للجمهور  بعيون لا تُنسى

تقريبًا  و كانه من كوكب آخر

- قهقه  مع كلماته -

وسط حلبة مصارعة الديكة.

9_ في الواقع ؟

كما أنني امتلكت أفضل قصر صغير

مع مطبخ أمريكي في زاوية القسم  ،

و تلقيت زيارات كثيرة  من الثعابين و العناكب

تلقيت أكثر من خدمة  من الجوع و الحرمان   ،

و أغرقتني الصحف و الالسنة الخائنة

و السياسيون المتعصبون في وحل السخرية .

لكن الأهم من ذلك كله ،

أنني أحببت

الكثير من الأشخاص الرائعين ،

مثل شروق الشمس

على بطاقة بريدية على شاطئ  "منكوب عين الشعير"

و غروب شمس على ضفاف  "وادي زا ".

 

... ولم تنل مني الخرخرة المناسبة أو اللعق

- وهي إشارة ادارية -

عندما كان التعليم  يتسرب ... فجرت

مرآتي السحرية القديمة

(والمؤمنة في عرفي  التربوي )

دون سابق إنذار الى  عشرات الشظايا  

و في آخر النفق رأيت

انني معلم

و سأكون اكثر نفوذا في حياة العصافير

على الهامش : باب الرواح 2014 في وقفة لضحايا النظامين ...