الأربعاء، 15 سبتمبر 2021

إلى النقابات الغامضة

 

إلى النقابات الغامضة     

إلى النقابات التي رافقت مسيرتي التعليمية منذ الثمانينات و نذرت نفسها من أجلى لتصنع مني ضحية ضحايا النظامين .


 مساء الخير أيها السادة

اسمحوا لي بالمرور أمام حدائق نضالاتكم  

و للمرة الأخيرة

أتملى بهذه الورود البلاستيكية

و لا تخشوا علي أو مني

فرائحتي عابرة

رائحة معلم عجوز

و صوتي متحشرج بالكاد يخرج من بئر جافة

أعرف أن الحياة تنكرت لي

( الحياة التي اخترتم لي )

و هذا الصمت غير قابل للتدمير

اسمحوا لي أن أرى كل الأسرار

التي احترقت و صرخت

في هذا الصمت الرهيب

و انتظرت حتى سقطت ميتا بلا مجيب .

أسمحوا لي أيها السادة أن أشعر

أن الحقيقة متاهة

و أن حياتي التي وهبتها للتعليم 

ليست مجرد صمت ، هي أقوى

رغم حاشية المنافقين ورائي

بصوت خفيض

يتهامسون و يتآمرون

تحت هذا الصمت المميت .

اسمحوا لي أن ألقي نظرة خاطفة على المدرسة المشرقة

ذات العيون السوداء ، مصباح لم ينطفئ

في هذا الجسم الحجري الابدي

دعوني أبكي بسلام فوق مكتبي  القديم

لأشعر بجلدي الذي احترق

و أنظف روحي المكسورة .

لماذا تركتني يا زميلي أسقط وحدي  ؟

هل بمقداري تحمل الأسوار ؟

لا تقل نسي كل شيء

و لم يعد يكرهني

فقد مات كل شيء .

و ماذا تبقي لي ؟

قد أرسمك كلمات على الجدار المنهار

و ذلك لن يخفف أبدا من روحي الهشة

أمام هذا الصمت الحاد .

 

 

لا يوجد شيئا أكثر جدية في العالم

سوى الموت من غبار الطباشير

 ثم الرعب من

زملاء تحولوا إلى وحوش ذات فكين

لا يوجد شيء أحلى من السبات المرير

في انتظار الذي لن يأتي

جسدي مقلوب رأس على عقب

خرجت منه  ذات يوم

و تركت كلامي في حالة تشويق

لا يوجد شيء يمكنني فعله

أنا معلم بوكماخي  سخيف .

ذكريات الماضي لن أنساها

حتى لو رجعت إلى جسدي و أردت  ذلك .

ضاقت وغاصت بي الارض .

أنا أحدق في القمر

أليس هناك القليل  لي ؟

خاصمني الحظ الملعون و ليس لدي ما افعله

سوى الجري المجنون نحو قمة بعيدة

قد أموت قبل أن أخفضها لتكون في متناولي .

لا توجد يدان لاحتضان الكلمات و الاناشيد

لا يوجد شيء من أجله تحب

لا توجد الا الثعابين في حدائقكم  

لا توجد سوى آيات سوداء في جمجمتي

سواد على بشرتي

ظلام على جفني الثقيل

لا يوجد شيء في هذا العالم

فقط مراسيم -غير معلن عنها - لوفاة لمعلم .

ذهب كل شيء معك

فضوا شراكتهم بك  

رغم إنك زميلهم الوحيد .

 

اسمحوا لي بالمرور أمام حدائقكم

اسمحوا  لي أن أتذكر لأخر مرة .

 و أنسى .

 

 الزمان :غشت  2019 .

 المكان : مقهى يطل على مقر نقابي عتيد .


الأربعاء، 19 مايو 2021

فرصة عمل في الخليج

 

فرصة عمل في الخليج

 

يحتاج مركز المخابرات و الترجمة و التعاون في الخليج

في عملية التوسع ليشمل الإقليم المغاربي  بأكمله

إلى توظيف أطقم دعم

ليلاً أو نهاراً أو مساءً.

لا يهم ان كنت بلطجيا أو مثقفا

أو صحافيا أو حارس عمارة .

مطلوب مواصفات :

الديناميكية ، والكتمان  ، والدم البارد ،

و الانف المزكوم  ، والأذن الطيبة ،

والعين التي ترى ما نريد  .

يستحب حيازة السيارة الخاصة

ودراسات الكاراتيه والإلمام بالقنص  .

يتم تقديم راتب جيد وعمولات وبدل يومي.

عمل غير روتيني

 مع رحلات موثوقة داخل وخارج الدولة

و اقامات في شقق فاخرة

و زيارات  لأربا و للخليج .

مهنة للاعمال التجارية .

تطبيق : فقط  للأكثر اهتماما.

أرسل الاسم الكامل ، بدون بيانات أو منهج سيرة :

لدينا بالفعل سجل شامل لذلك.

ماي 2021

كن ضحية من ضحايا النظامين

 

 

كن ضحية  من ضحايا النظامين

قد تصاب بالعيوب والقلق والغضب في بعض الأحيان ، لكن لا تنس أن حياتك التربوية و التعليمية  هي أكبر عمل تجاري في الوطن : سلعتك صالحة مدى الحياة لا تتاثر بالمكان و الزمان و لا تفنى . تقاسمت الذكاء و المهارات و التجارب بلا حدود .

  مهنتك الشريفة  التي مارست طول حياتك ، أنت فقط تستطيع منعها من الانحدار. هناك الكثير من الأشخاص الذين يحتاجون إليك ، انظر حواليك هؤلاء الأطفال (مواطنين –صغار- عزل ) الذين يتعلقون بك يعجبون بك ويحبونك .

أود أن تتذكر دائمًا أن التضحية لم تكن  تعني عدم وجود سماء بدون عواصف ، وطرق بدون

حوادث ، ومستقبل للأطفال  بدون تعب ، وعلاقات إدارية بدون خيبات أمل.

أن تكون ضحية للنظامين  هو أن تجد القوة في  عدم المغفرة لمن أنبتوك فشلا لمرات عديدة

 أن تكون ضحية النظامين هو أن تجد الأمل في المعارك بدون وسيط يدس لك السم و يختفي حول أنغام الكراسي الموسيقية   

 أن تكون ضحية النظامين  أن تجد الأمن في صندوق الخوف الذي تدسه داخلك و الذي لن يخدعك

أن تكون ضحية النظامين هي أن تجد التربية و التعليم و الحب في الخلافات فقط ...ما عدى هاته الاشياء هي غير طاهرة للمثول أمام مدائح التربية و التعليم : مجتمع المواطن الصغير  .

أن تكون ضحية النظامين   لا يعني فقط أن  يقدر الجمهور المفاوض  ابتسامة المربي    ، ولكن أيضًا التفكير في الحزن العميق الذي خلفوه داخلك .

لا يقتصر الأمر على إحياء ذكرى الحدث الاحتجاجي  فحسب ، بل يجب  يتعلم الدروس من الإخفاقات التي عمرت من القرن الماضي .

لا يقتصر الأمر على الاستمتاع و التصفيق   فحسب ،مطلوب محاسبة و حساب و إبعاد  كل من ساهموا في إهدار مصيرنا المهني

أن تكون معلما  من ضحايا أغبى الأنظمة و أحقرها في التاريخ التعليمي شيء لا يفقدك صبر المعلم و المربي   يجب  أن تدرك و بسرعة   أن الحياة تستحق العيش ، على الرغم من كل التحديات النقابية و الإدارية  وسوء الفهم وفترات  الحروب  والأزمات التي أجبرنا على الدخول فيها و دفع تعويضات الحرب من جيوبنا و كسرتنا و دوائنا و من أيامنا .

أن تكون  ضحية نظامين لا تظن أنه عبث للأقدار ، الأصح أنه  مصيرا مصيريا  حدد  من أجلك . بل  غزو لجسم خارجي  تعلم  كيف يسافر داخل كيانك و يترك بيوض اليأس تقتات منك.

أن تكون ضحية  النظامين  هو أن تتوقف عن الوقوع ضحية للمشاكل وأن  لا تصبح ممثلًا في قصتك التعليمية لان ذلك ما يرمون إليه  .

لقد فرض عليك  عبور الصحاري خارج الذات ، ولكن أتنسى أن البوكماخيون الذين وصلوا الى نقط لم تدل عليها الخرائط و لا اشارات المرور؟  هم  الآباء المؤسسون  لفرعيات مدرسية من العدم  ، لهم  القدرة  الغزيرية على إيجاد واحة في أعماق أرواحنا.

لقد  شكرنا  الله كل صباح على معجزة الحياة و نحن في فرعياتنا نعبر الزمن .و تمكنا من البقاء أحياء رغم الجوع و الظلمة الباردة ...و فساد الإدارة.

طبعا لم نكون آخر زماننا

و لكن  لربما  فعلنا ما لم تفعله الأواخر

و نسينا البرلمان و نسيتنا المساطر

و نسينا الزملاء  و سحبوا من تحتنا الحصائر

و نسيتنا الدولة ، رغم كوننا  ممثليها الوحيدين في المداشر

الحقيقة أنك كنت وحدك : يحرقونك مثل السجائر 

و  لم تكن تعرف كيف تتحدث عن نفسك

حينما كنت تتحدث الركاكة  النضالية

كانت تنهشك عديمات الضمائر .

أن تكون معلما مظلوما  هو أن تدع المخلوق الحر الحزين   السعيد ، البسيط الذي يعيش داخل كل معلم  منا  يطير و يحلق فقط باجنحته الخاصة جدا .

نضج الجرح و نضجت معه لتقول "كنت مخطئا حينما ائتمنتهم ".

إنها الجرأة لقول  لزميلك  لك يبكي " لن نسامحهم".

إنها حساسية للتعبير عن  "أنا معلم أطهر منهم لست بحاجة إلى عديمات الضمائر ".

إنها القدرة على أن نقول لهم  "أصبحنا نكرهكم و لا نريدكم أمام بابنا ".

أتمنى أن تصبح حياتك حديقة ( ربما مدرسية )  مليئة بفرص  الحياة  لتكون سعيدًا ... فأنت في ينابيعك الفلسفية التعليمية  من محبي و محترفي  الفرح الطفولي  البريء . في الشتاء و الظلمة الباردة تحتضن كتاكيتك ، أنت صديق الحكمة. و حتى عندما تخطئ في الطريق ، تنهض متأملا و  تبدأ من جديد. حسنًا أيها المبجل  ، من ينكر لك هذا  الشغفً بالحياة؟

 لا يجب أن  نكبر و نهرم في يأس  كما يريدون .حياتنا  ماضية مثل ساقية صغيرة لن ترجع الى الوراء يجب أن نكتشف مغارتنا الداخلية .

  أن نستوعب أن  السعادة  لا تعني أن تكون لدينا  حياة مثالية. فنحن طول حياتنا نستخدم الخسائر لصقل الصبر.

 نستخدم  كل العيوب  التي مررنا بها لننحت الصفاء.

لا تيأس أبدا. لا تتخلى أبدا عن زملائك ضحايا النظامين  الذين عايشتهم .

لا تتخلى عن السعادة التي لا يفهمها عديموا  الضمائر و الجهال : أنت مربي و الضامن الأول للمستقبل  ، لأنك الإحساس بهواء  الحياة الذي لا بد منه. أنت مواطن مميز!

15-05-2021

الأحد، 9 مايو 2021

ضحايا النظامين

 

ضحايا النظامين

 

بين ما كان سابقاً وحالياً  لا اختلاف

و لا  حتى كلمة تأبين  في حق موتانا

الذين رسموهم بقرارات مختومة   :

ضحايا لكل عقد  و لكل اصطفاف .  

في متحف التعليم لا توجد حتى

بقايا من الذكريات الغامضة والصغيرة

للزملاء   الذين سقطوا و هم يتشبثون

و لم  يدركوا إلا  أخيرا

كيف لا يترددون في اغتيال  معلم باستخفاف .

لا اختلاف

لا زالوا يقطنون وحدتنا الهائلة ،

و يؤثثون حزننا الداخلي

و يختارون ما يلائم أجسادنا الهرمة من تجاعيد  

الماء و النار في تحالف

لهم  أصدقاء مشتركون يعرفون كيفية إجراء المصالحات

حول  طاولات مدت فوقها أجسادنا .

هذه الضربات العميقة

لم تكن  عن غير قصد

و المروع أن تموت

و حواليك  إطباق و  صمت .

 

الذين اغتصبوا النور من  عينيك  ضاحكين  

و حولوك الي ضرير

لا أدري لماذا لا يعترفون

و لماذا لا يستغفرون

و هم يرون كيف   ينطفئ مصباح كل شرير

 

يا للغبن  ، كنت  حظ جميع الشرور المثالية

لكونك أفضل صانع  لكل حكمة !

 

في البدئ غرفت من الينابيع و أدركت :

الخلط بين   التعليم وبين الترية ، خطئ !

بينما التعليم  يساعدنا على كسب لقمة العيش

التربية  تساعدنا على العيش ،

 

 أعددنا  ما عشناه و ما فعلناه  بمفردنا

لأن التدريس  هو إمبراطورية الوعي

و منطقة حرة تضمن الربح للجميع

 

ذلك الضمير اليقظ

يقف وحده في  مكتبة الحياة

يا له من كتاب أخلاقي عظيم ،

يؤرخ  لنا حضور المعلم  العظيم.

                                   دبدو 10-5-2021

 


 

مساء خريفي أصفر لخمياء " المنكوب "

أطير ، كما لو كان لدي أجنحة

 لهذا الخط المستقيم

من أفقك  المقلق ،

أريد أن أتيه بأي ثمن   ،

سابحا في  الرغوة البيضاء

هذا على الشاطئ الرملي

 الذي لا  يختفي.

بدون ضوضاء

يغادرني المنكوب في صمت  .

                                                                                  تاوريرت  9-5-2021 

المنكوب : بلدة صغيرة قرب بوعرفة .