الأحد، 22 يناير 2017

ضحية المائة عام من العزلة


مضت هيبته...كما مضت
ذليلة موطَّأة
كأنها تراب مقبرة
و كان تقاعده الغريب باهتا مباغتا
منتظَرا, مباغتا:
الخيانة المكررة
الموتة الاخيرة
كان بلا نقابة, بلا صِحاب
بلا قبيلة بلا أنساب 
جلس في كرسي التربية  
يشاهد عبث الاقدار و الاحزاب
طاف وحيدا نازفا كعابر السحاب
و شائعا كما الذباب
و كنتُ أعرفه معلما في السنوات الشاردة
في فرعيات الحزن من أيام الشباب
يجاهد الجوع و الظلمة الباردة
أراه كلما رسا بيَ الصباح في بحيرة العذاب
يجمع في الجراب
قطع طباشير تناثر فوقها التراب
وقد كان نصيبه من اللقمة
 كنصيب الدجاج و الكلاب
و كنت إن تركتُ لقمة أنفتُ أن ألمُّها
يلقطها, يمسحها في كمِّهِ
يبوسها
يأكلها
ويعيش يومه بلا لوم و لا عتاب
صمد طويلا حتى  تآكل كخرقة بالية
كي لا يمر اليهم اليباب
و لا أحد راسل الكولونيل  
و لا وصله خبر أو كتاب
كان في أرذل العمر
بجسد كتبت فوقه الحراب
يتحسس أطرافه ان بقيت مكانها
ليصنع اسماكا ذهبية
يحتال بها على العزلة و الاكتئاب
و يقطع  العمر كله مترنحا  
و رسائله ليس لها جواب
و ربما سينتهي في موكاندو
شريدا ككلب الحارات
و لا يعرف الاسباب  
لماذا حولوا جرحه كرسيا
و غاب في الدليل الوزاري و النقابي
وصار ضحيةلا  محل لها من الاعراب ؟
و ها هو  الان يرى تلاميذه
وذريته العاقة في النقابات
ترفعون في صحته الانخاب
و لما انتهت الحرب عاد الى المدينة
طردوه حراس المعابد
و سدت في وجهه الابواب ,
--------
قصة قصيرة.
ذات مرة سأل وزير مهاب:
هل يعقل أن المعلم ضحية نظامين ؟
لن أسمح لمن أفنى زهرات الشباب.
لكن الوزير أرغم على الذهاب
و نحن ساقونا تحت السياط
من جديد ادخلونا السرداب .




 

تدكير:

عكازك الذي تتكئ عليه
يوجع الاسفلت  ...
و ما الاسفلت الا صمت أضلاعنا
‏فـ«الآن في  القرن‏ الواحد و العشرين
لم يعد ثمة ما يفصل جثث الاستاذ
عن أحذية النقابات .

هوامش :

ماركيز و الماغوط والكولونيل بوينديا و موكاندو ...انها مائة عام من عزلة ضحايا النظامين العنريين.الجيتو المشيد من أجلنا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق