شتاء ضحايا النظامين
ينبئني شتاء عام الفين و ثلاثة
أنني مت وحدي
ذاتَ شتاء مثله, ذات شتاء
و يُنبئني هذا المساء أنني لا زلت
أموت وحدي
ذات مساء مثله, ذات مساء
و أن أعوامي التي مضت في التربية و
التعليم
تبخرت من ييداي و صارت هباء...
و أنني استاذ لا زال يقيم في العراء
ينبئني شتاء الوزارة هذا العام أن داخلي
مرتجف بردا
و أن قلبي ميت منذ الخريف النقابي
قد ذوى حين ذوت
أولُ أوراق الشجر
ثم هوى حين هوت
أول قطرة من المطر
و أن كل ليلة باردة تزيده بُعدا
في باطن الحجر
و أن دفء صيف الزملاء إن أتى ليوقظه
فلن يمد من خلال الثلج أذرعه
حاملة حليبا و قنينة ماء
ينبئني شتاء هذا العام أن هيكلي مريض
و أن أنفاسيَ شوك
و أن كل خطوة في وسطها مغامرة
و قد أتقاعد قبل أن تلحق رِجلٌ رِجلا
في زحمة القرارات المنهمرة
أموت و لا يعرفني أحد
أموت و لا يبكينيي أحد
و قد يُقال بين الزملاء في ساحة المدرسة
مجلسه كان هنا, و قد عبر
فيمن عبر
يرحمُهُ الله
ينبئني شتاء هذا العام
أن ما ظننته شفاىَ كان سُمِّي
و ما لبسته يداي كان قيدي
و أن هذا النضال حين هزَّني أسقطني
و لستُ أدري منذ كم من السنين قد جُرحت
و لكم أن تتصوروا ذلك منذ التمانينات
لكنني من يومها ينزف رأسي
الثقة
في النضال زلَّتي
التي من أجلها هدمتُ ما بنيت
من أجلها خرجت
من أجلها صُلبت
و حينما عُلِّقتُ كان البرد و الظلمة و
الرعدُ
ترجُّني خوفا من المجهول
و حينما ناديت النقابي لم يستجب
عرفتُ أنني ضيَّعتُ ما أضعت
ينبئني شتاء هذا العام أننا لكي نعيش في
الشتاء
لابد أن نخزُنَ من حرارة الصيف و ذكرياتهِ
دفئا
لكنني بعثرتُ في مطالع الخريف النقابي
كل غلالي
كل حنطتي, و حَبِّي
كان جزائى أن يقول لى الشتاء انني
ذات شتاء مثله
أموت وحدي
ذات شتاء مثله أموتُ وحدي
على الهامش :
حينما انتهيت من قراءة قصيدة الشتاء
لصلاح عبد الصبور أحسست انني اعيشها كضحية من ضحايا النظامين الجائرين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق