الاثنين، 14 أغسطس 2017

ضحايا النظامين و الفساد و الافساد

منذ الاجهاز على ضحايا النظامين ،اصبح التقليد السائد هو التغيير في  الادوار و تقاسم المواقع  في اللعبة الموسيقية النشاز : وزارة التعليم ثم وزارة المالية و النقابات و التنسيقية ...هؤلاء الاطراف الذين لم يتفقوا أبدا حول ملفنا ، و حتى حينما يتفقون ،سيكون اتفاقهم على ان لا يتفقوا .و في كل محطة يضيع حق الضحايا و يتراكم امامهم قمامة  الظلم و الجور و الاحتقار .
ما كان لهذه المآسي الانسانية و التربوية أن تحدث لو كان هناك فضح و تحقيق و متابعة و تحميل مسؤوليات الاخطاء ...قد لا نقول ان النظام التعليمي يعاني من ثغرات قانونية  بل أيضا يعاني من تنظيم و تقنين و مأسسة  للفوضى و الفساد .


حتى أصبحنا نعاين  قضايا الفساد في قضية ضحايا النظاميين و قد  أصبحت تطارد بعضها البعض ، و لم تعد هذه التراكمات من التحبيط و التيئيس تثير الاهتمام الجدي لأي جهة ..
قضية الضحايا  أيضا تبدو كأنها جزء من صناعة الفساد السائدة في أوساط النخب التربوية و التعليمية  في الدولة .و الحديث هنا يدور عن أقطاب أوكل إليهم مهمة تدبير و تسيير و الحفاظ و الدفاع عن التعليم و مصالح العاملين فيه ، لكن كل ما فعلوه هي التنمية المستدامة لثقافة الإفساد و الفساد  . ثقافة سرقة حقوق الضحايا و ثقافة التحايل عليهم بتمديد نضالهم إلى ما لا نهاية : إلى أن يصابوا بالإنهاك أو  إلى أن يتقاعدوا و يموتوا  .
الاتفاقات و المشاورات بين الوزارة و النقابات كانت نتائجها مطبوخة و مقرر لها مسبقا :إقصاء الضحايا لاستنزاف أعدادهم الذاهبة إلى التقاعد ،و لعل هذا ما نجحوا فيه .الوزارة ارتاحت من خطورة الغارات التي كان الضحايا متحمسين لحصارها  في عقر دارها (باب الرواح) و النقابات جنت مكاسب نقابية و سياسية و شخصية . و من لم يعجبهم الحال فقد ضربوا رؤوسهم بحيطان الخيبة و الإحباط  . و في مجتمعنا - حفظه الله – من يأبه لمعلم محبط ؟
كل ما أصبح يلمسه الضحايا هو تحول هذا النظام التعليمي إلى العنصرية و  سلالم  التمييز و لا نقول ضعف الديمقراطية بل غيابها الكلي .  
في الآونة الاخيرة أصبحت تصلنا انباء متضاربة عن ملف الضحايا. و لعل ما هو جيد فيها أن يصحو و لو ضمير نقابي واحد كان شاهد عصر الظلم و الجور و يعطينا الحقائق كلها و ليس أنصافها . أما السيئ منها هو انه لا تسوية لملف الضحايا و أن نظام التعليم فاسد و مفسد . ففي هذا النظام يقوم النقابيون و الموظفون رفيعو المستوى في التعليم بتوزيع الامتيازات  السياسية على حساب معلم أفنى عمره في خدمة البلاد  (التصويت على التقاعد مقابل مناصب في الحكومة ).
و بنظرة ثاقبة هذا هو طابع النظام التعليمي الحالي ببلادنا . ليصبح الفساد هو الطريقة التي يدار بها التعليم .
هل هناك موظف تعليم أو نقابي أدين في قضية ضحايا النظامين ؟ أليست هذه جريمة كبرى أن تظلم فئة واحدة من التعليم لمدة جد طويلة أي ما يساوي مجموع  ما قضوه من سنوات  في خدمة التعليم ؟
هناك نقابيون من المفروض أن يدافعون عنا . لكن خذلونا و أوهمونا و بعثروا أوراق ملفنا و تقاسموننا كالكعكة .و هناك الكثير من زملائنا الحاملين لبطائق هؤلاء النقابات المفسدة  التي تعطي لنفسها الحق في  تقرير مصير الضحايا . و أمام هذا الوضع الغير السوي يمكننا أن نستنتج ما يلي :
هل يعقل أن يميل المعلم و المربي و صانع المجتمع إلى انتخاب أشخاص فاسدين و مفسدين ؟ يجب أن نتحلى بالشجاعة لنعترف أن جمهور المعلمين  (الأغلبية في موقع المتفرج و مرتاح للذين يتكلمون نيابة عنه و يتخذون  القرارات باسمه ) أقول هذا الجمهور يميل إلى انتخاب أشخاص يفضلون المكاسب  المالية  و الحزبية و النقابية على مصالح الجمهور .
و هذا استنتاج مخيف . و لكن ليس من الصعب الوصول الى استنتاج أخر : عفونة تكتم  الأنفاس تلقي بظلالها على التعليم ، و في ميدان نبيل كالتعليم يحصل المربون على  النظام الذي  يستحقونه .أما في تعليمنا نستحق نقابيين ذوي ميول الى الخيانة .
تقريبا هكذا يبدو  الوضع . القيم الفاسدة في أعلى شجرة التعليم من الممكن جدا  أن لا تختلف عن تلك التي في أسفله .
الضحايا هم ضحايا نظام فاسد ،و قد أهملوا لمدة طويلة و لم يعاني  أحد مثلما عانوا و بشكل منهجي مورس عليهم الظلم و الإقصاء . وعوملوا بطريقة استصغار و احتقار من جميع مكونات المجتمع النقابي  . الكل يتكلم عن القيم و النضال و الجماهيرية  و لا أحد يتحدث عن الأخلاق و لا أحد يتحدث بوضوح عما يدور بالمكاتب المغلقة و عن الصفقات التي تتم تحت الطاولات ...هؤلاء ليسوا فوق المعلمين بل هم ممثلوهم الرسميون في الدفاع عن مصالحهم .و إذا كانت الأحزاب هي من تزرعهم ، فان  المعلمون هم من يقومون بإنباتهم و هم من ينتخبونهم  و هم من يختارون الفساد .
و عندما يتم الربط بين النقابات و الفساد سنحصل على صورة رقمية للظلام . و لا حاجة لنا لفتح أعيننا فالطقس مظلم 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق