منذ الاجهاز على ضحايا النظامين ،اصبح
التقليد السائد هو التغيير في الادوار و
تقاسم المواقع في اللعبة الموسيقية النشاز
: وزارة التعليم ثم وزارة المالية و النقابات و التنسيقية ...هؤلاء الاطراف الذين
لم يتفقوا أبدا حول ملفنا ، و حتى حينما يتفقون ،سيكون اتفاقهم على ان لا يتفقوا
.و في كل محطة يضيع حق الضحايا و يتراكم امامهم قمامة الظلم و الجور و الاحتقار .
ما كان لهذه المآسي الانسانية و التربوية
أن تحدث لو كان هناك فضح و تحقيق و متابعة و تحميل مسؤوليات الاخطاء ...قد لا نقول
ان النظام التعليمي يعاني من ثغرات قانونية
بل أيضا يعاني من تنظيم و تقنين و مأسسة
للفوضى و الفساد .
قضية الضحايا أيضا تبدو كأنها جزء من صناعة الفساد السائدة في
أوساط النخب التربوية و التعليمية في الدولة
.و الحديث هنا يدور عن أقطاب أوكل إليهم مهمة تدبير و تسيير و الحفاظ و الدفاع عن
التعليم و مصالح العاملين فيه ، لكن كل ما فعلوه هي التنمية المستدامة لثقافة الإفساد
و الفساد . ثقافة سرقة حقوق الضحايا و
ثقافة التحايل عليهم بتمديد نضالهم إلى ما لا نهاية : إلى أن يصابوا بالإنهاك
أو إلى أن يتقاعدوا و يموتوا .
الاتفاقات و المشاورات بين الوزارة و
النقابات كانت نتائجها مطبوخة و مقرر لها مسبقا :إقصاء الضحايا لاستنزاف أعدادهم
الذاهبة إلى التقاعد ،و لعل هذا ما نجحوا فيه .الوزارة ارتاحت من خطورة الغارات
التي كان الضحايا متحمسين لحصارها في عقر
دارها (باب الرواح) و النقابات جنت مكاسب نقابية و سياسية و شخصية . و من لم
يعجبهم الحال فقد ضربوا رؤوسهم بحيطان الخيبة و الإحباط . و في مجتمعنا - حفظه الله – من يأبه لمعلم
محبط ؟
كل ما أصبح يلمسه الضحايا هو تحول هذا
النظام التعليمي إلى العنصرية و
سلالم التمييز و لا نقول ضعف الديمقراطية
بل غيابها الكلي .
في الآونة الاخيرة أصبحت تصلنا انباء
متضاربة عن ملف الضحايا. و لعل ما هو جيد فيها أن يصحو و لو ضمير نقابي واحد كان
شاهد عصر الظلم و الجور و يعطينا الحقائق كلها و ليس أنصافها . أما السيئ منها هو
انه لا تسوية لملف الضحايا و أن نظام التعليم فاسد و مفسد . ففي هذا النظام يقوم
النقابيون و الموظفون رفيعو المستوى في التعليم بتوزيع الامتيازات السياسية على حساب معلم أفنى عمره في خدمة
البلاد (التصويت على التقاعد مقابل مناصب
في الحكومة ).
و بنظرة ثاقبة هذا هو طابع النظام
التعليمي الحالي ببلادنا . ليصبح الفساد هو الطريقة التي يدار بها التعليم .
هل هناك موظف تعليم أو نقابي أدين في قضية
ضحايا النظامين ؟ أليست هذه جريمة كبرى أن تظلم فئة واحدة من التعليم لمدة جد
طويلة أي ما يساوي مجموع ما قضوه من
سنوات في خدمة التعليم ؟
هناك نقابيون من المفروض أن يدافعون عنا .
لكن خذلونا و أوهمونا و بعثروا أوراق ملفنا و تقاسموننا كالكعكة .و هناك الكثير من
زملائنا الحاملين لبطائق هؤلاء النقابات المفسدة
التي تعطي لنفسها الحق في تقرير
مصير الضحايا . و أمام هذا الوضع الغير السوي يمكننا أن نستنتج ما يلي :
هل يعقل أن يميل المعلم و المربي و صانع
المجتمع إلى انتخاب أشخاص فاسدين و مفسدين ؟ يجب أن نتحلى بالشجاعة لنعترف أن
جمهور المعلمين (الأغلبية في موقع المتفرج
و مرتاح للذين يتكلمون نيابة عنه و يتخذون
القرارات باسمه ) أقول هذا الجمهور يميل إلى انتخاب أشخاص يفضلون
المكاسب المالية و الحزبية و النقابية على مصالح الجمهور .
و هذا استنتاج مخيف . و لكن ليس من الصعب
الوصول الى استنتاج أخر : عفونة تكتم
الأنفاس تلقي بظلالها على التعليم ، و في ميدان نبيل كالتعليم يحصل المربون
على النظام الذي يستحقونه .أما في تعليمنا نستحق نقابيين ذوي
ميول الى الخيانة .
تقريبا هكذا يبدو الوضع . القيم الفاسدة في أعلى شجرة التعليم من
الممكن جدا أن لا تختلف عن تلك التي في
أسفله .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق