الخميس، 29 ديسمبر 2016

ضحايا النظامين :حتى لا ننسى


كنتُ وحيدا مثل أجرب . تجنبتني النقابات،
واخترقَني رصاص الخيانة باجتياحه الطاغي.
وكي أنجو بنفسي صغت تنسيقية  تكون سلاحا،
سهما لقوسي، حجراً لمقلاعي
و ناجيتها في اللحظات المنكسرة :
أَريني خلاصي في قوس يأسك
لأُطلق في هذيانٍ الصفاء الأبله
 سرب سهامي.

و في الرباط
ربطت العزم على الخروج من السرداب
حملت جرحي و ركبت فوق اليأس
و قررت طرد النحس
لكني وجدت  حولي مخلوقات من  ضباب،
و بهلوانات يوزعن السراب
و في الوسط يرقص مسيلمة الكذاب
وصمتُ مريب يحاصر أوقاتي المتعبة،
و أنا الرثاث الغريب عن العاصمة
لا تلتفت نحوي الا نظرات عابرة
يبح صوتي و أحمل خطواتي
 ويعشش يأس جديد في داخلي

وأرى كلماتي بعيدة
وأبعد منها كلمات نقابة
تتسلّق كالديدان  فوق جروحي القديمة
و بين خطبة و خطبة
و بين كذبة و كذبة
اهترأ جسدي مثل الجدران الرطبة
و مات في داخلي حلم تربوي
و انقطعت مشيمة كان الطفل منها يرتوي
(وأنت يا سيد الخطابات الظلامية
 ألست أنت الملوم في هذه اللعبة الدامية؟)
أيها العمر المر الأخير،
كل شيئ الأن يهوي
نصبوا صنم اليأس داخلي
ليعوي و يعوي 
كم كنت مرا في حقولنا
و لم تكن كذلك في حقول الاخرين
 يستيقظ في  أعماقك  
تساؤل غبي  أخير
بعد نهاية عمر من البهدلة
وقبل الصعود الى المقصلة ،
لماذا التقاعد كان الرصاصة الأخيرة
(رصاصة نيران صديقة)
 في أرض التعليم  القاحلة؟
حتى و انا أنصرف من أيامكم
وما تزال عفونة و رعونة  الخيانة
 تحوم داخل روحي المجهدة
وتستمر مع الأيام الى آخرها
كاتمة للأنفاس  مريعة وصادمة..
أتذكر جوقة العرافين
و هي تملي علي شروط الاستسلام
أتذكرها   وروحي تضيق
و هي تستدرجتني الى جب عم فيه الظلام
و مقاصل رهيبة  و  آلات مسننة
من القرارات و الأرقام
و جلادون و مصاصوا دماء بلا ملامح
فقط يقومون بعملهم
و يعجنونك ليضيفونك الى الركام
حيت كل شيئ يعاد تدويره
و تنتهي عملية" الضبع الحاقد"  بسلام

أين كانت يا سارق الحلم 
و يا حارما ابني من الدراسة
و حفيدي من الأحلام ..اين كنت
 حينما انغرزت في جسدي  السكاكين
و تحلقت حولي جوقة المجانين
و سلموني غنيمة للمرابين ؟
أين جلست حينما مد
 جسدي فوق طاولات الطعام؟
أي  وجه  كنتِ ترتدي
و أنت تلعق   دمائي حساءا؟
بلا وخز ظمير و لا أنين .

فيكِ يأس في  كل يوم
من هذه السماء العالية
تأتي مثل النسر الكاسر
و تغرز مخالب حقد أسيادك الدفين  
 فوق تويجاتِ الحمل الوديع
تغرق الأفق  ظلاما 
ثم تتبخر
هاربا دوما  كذئب الصقيع.

هي مدرسة  فيها عشتُ
و ليتني عرفت أين من ينتهي النقابي
و من أين يبدأ الظلام
و من أين يبدأ الاصلاح
و أين ينتهي الحطام ؟
شاخت مهنتنا
 و اخترقها اليأس  والصمت
و الكل يرى أنه لا مفر من الموت
كنت أظنك خيمة تقي ضعفي من العراء
اذا الظلام و البرد حلا
و جاءت نكبات الشتاء
تجمعين تحت سقفك الضعفاء
و توزعين الأمل بلا ثمن
على من خانته قواه و خانه الزمن
و رموه الحراس
خارج الوطن .
لكنك رعناء و عجوز شمطاء
أيها النقابات التي عبثت بنا
و فعلت منا ما تشاء.
في سمائي عند شفق الحزن
 أنت مثل غيمة من فولاذ
ولونك وشكلك هما ما أكره فيك
أنت ما كنت لي ، أنت ما كنت لي،
 أيتها التي ترهن نفسها
لمن يدفع أكثر
يا  ذات الوجهين  
وفي حياتك تعيش أحزاني التي لا تنتهي
هنا كرهتك ...
 عبثا يحجبك الأُفق الأبله
أنت نشاز مجالنا التربوي الرحب
و لك اياديك السوداء
في هذا الخطب و هدا الجدب .
ها هي تذهب خطوات العمر سدى
 في ارض دشنتها خطانا العنيدة ،
و كانت أجسادنا لها سدود .
خطانا الآن  تعبر الطريق المسدود
 إلى حيث لا تصل .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق