كنت مخطئا يا سادتي
الى ذلك الاستاذ الشجاع ضحية النظامين الذي انسحب من حفل لا يستقيم بدونه ، حفل تكريم التقاعد لشخصه
.بدون حضورك انفض الحفل يا أستاذ ...سنكرمك نحن زملاءك الضحايا الباقيين على قيد
الحياة :آلامك هي ألامنا
كنت مخطئا يا
سادتي
و لأعترف حتى
بما لم أقترف
أنا موظف
حكومي
و للسلالم لم
أكن محترف
وضع كل حياته
على ثبات
وأعرف إني لست حرا فيما أريد أو ادرسه
فالمدير و
المفتش لا يؤمنان إلا
بالتعليمات و
لا شيء غير التعليمات
حتى و لو أدت إلى
بحر الظلمات
لان من اجتهد أو
غيَر في التعليمات
قد أهملوه في
درج حتى مات
لدي ستة و
ثلاثون عاما من الخدمة
أغلبها خارج تغطية
الوزارات
و في أقاصي الفرعيات
اعترف إني كنت
واهما
و ها أنا
أراجع وَهْمي
الذي و يا
للخيبة ، لم يكن إلا خصمي
و أصل إلى
خلاصة الخلاصات :
لماذا كنت
غارق في الخطأ ؟؟؟
لآني كنت
مسؤولا في عملي ؟
لأني تعاملت مع الأطفال كشيء في ملكيتي ؟
لأني حملت
همومهم معي إلى منزلي كل مساء ؟
لأني قضيت
ليال بدون نوم ، و في أماكن أشبه بالعراء ؟
لأني تقاسمت
معهم الكسرة و الماء و الدواء ..؟
لأني علمتهم
احترام الآخرين بلا فرق على السواء ؟
لأني احتضنت
أطفالا حينما كان آباءهم منشغلين و كنت وحدي أحملهم فوق ظهري أعباء ؟
لأني أعطيتهم
ما فشل فيه الأبوان : أجنحة ليطيروا نحو السماء ؟
يا لغباوتي
كنت أظن أني امشي إلى الأمام
بينما أنا
أتقهقر إلى الوراء .
و الخلاصة
توجزها العبارة
مهنتي كانت
تافهة
أخطأت كثيرا حينما ظننت أنني
من بناة
هذه الحضارة
بعد هذه
الخدمة الطويلة
و أنا مقبل
على التقاعد
عوقبت بما
استحقه
خفضتم من راتبي
و الآن
سأتقاعد لأبحث عن عمل
فأنا
و مات في
داخلي العدل و الأمل .
اشعر بالحيرة
أمام هذا العجز
و حياتي المهنية انتهت في حجز.
و لا اكف أن
أتساءل :
أين الإباء و
هل يهتمون ؟
و لماذا لا
يلتفتون و لا يدعمون ؟
و لماذا يلقون
على كاهلنا كل الحمل و ينصرفون ؟
أنا أيضا سأنصرف
و لم يعد لي
من دور ،إذن لأنصرف
و ضعتم التربية و التعليم في أيدي السياسيين
فهم وسادة
نمتم عليها
و على فلذات
أكبادكم، إليهم انتم مؤتمنون
أما أنا فمن
يثق بي؟
صرت منبوذا
مثل الكهنوت
رثاثا ،غريبا
أنادي وحدي و
أطرق البيوت
يتفضلون
بازدرائي
و ينعتونني بأقذع
النعوت
فلقد كنت معلما واهما
و ها أنا أفيق
من الوهم
و أطرد عني
غبش النحس و الشؤم.
و ماذا تعلم أطفالكم
من السياسيين :
بددوا
مجهوداتهم في فرديات بدلا من المشاركة مع الجماعة في نظام
أهانوا بعضهم
البعض عوض تبادل الاحترام
سكنتهم الأنانية
و ماتت ضمائرهم ما عادت لتقلق على مصالح الآخرين النيام
عوض الثقة في قدراتهم الذاتية يبحثون دوما عن الزعيم ليعيشون تحت مضلته في استسلام .
يغمضون أعينهم
عن مصائب الآخرين يفقدون الشعور و يتحولون إلى أرقام .
يحاولون أن
ينمون و يزدهرون على حساب أي شخص أو أي
شيء حتى لو تركوا خلفهم الحطام
الشيء الوحيد
الذي تبقى لي
في هذه الأوقات
الصعبة و الغارقة في السواد
و أنتم على قدم
و ساق
ترتبوا لي ما
يليق بي من حداد
دعني أقول لكم
أني فعلت
ما أملاه علي
الضمير
في حضرة
المواطن الصغير
و ما كانت تريده
مني هذه البلاد.
أنا سأنصرف
كما ترغمونني
على الانصراف.
وجدة في
14-07-2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق