الجمعة، 14 يوليو 2017

                         كنت مخطئا يا سادتي  
الى ذلك الاستاذ الشجاع ضحية النظامين  الذي انسحب من  حفل لا يستقيم بدونه ، حفل تكريم التقاعد لشخصه .بدون حضورك انفض الحفل يا أستاذ ...سنكرمك نحن زملاءك الضحايا الباقيين على قيد الحياة :آلامك هي ألامنا


كنت مخطئا يا سادتي
و لأعترف حتى بما لم أقترف
أنا موظف حكومي
و للسلالم لم أكن محترف  
وضع كل حياته على ثبات
وأعرف إني  لست حرا فيما أريد أو ادرسه
فالمدير و المفتش لا يؤمنان إلا
بالتعليمات و لا شيء غير التعليمات
حتى و لو أدت إلى بحر الظلمات
لان من اجتهد أو غيَر في التعليمات
قد أهملوه في درج حتى مات
لدي ستة و ثلاثون عاما من الخدمة
أغلبها خارج تغطية  الوزارات
و في أقاصي الفرعيات
اعترف إني كنت واهما
و ها أنا أراجع وَهْمي
الذي و يا للخيبة ، لم يكن إلا خصمي
و أصل إلى خلاصة الخلاصات :
لماذا كنت غارق في الخطأ ؟؟؟
لآني كنت مسؤولا في عملي ؟
لأني  تعاملت مع الأطفال كشيء في ملكيتي ؟
لأني حملت همومهم معي إلى منزلي كل مساء ؟
لأني قضيت ليال بدون نوم ، و في أماكن أشبه بالعراء ؟
لأني تقاسمت معهم الكسرة  و الماء و الدواء  ..؟
لأني علمتهم احترام الآخرين بلا فرق على السواء ؟
لأني احتضنت أطفالا حينما كان آباءهم منشغلين و كنت وحدي أحملهم فوق ظهري  أعباء ؟  
لأني أعطيتهم ما فشل فيه الأبوان : أجنحة ليطيروا نحو السماء ؟
يا لغباوتي كنت أظن أني امشي إلى الأمام
بينما أنا أتقهقر إلى الوراء .
و الخلاصة توجزها العبارة
مهنتي كانت تافهة  
 أخطأت كثيرا  حينما  ظننت أنني
   من بناة هذه  الحضارة
بعد هذه الخدمة الطويلة
و أنا مقبل على التقاعد
عوقبت بما استحقه
خفضتم من  راتبي
و الآن سأتقاعد لأبحث عن عمل
فأنا
و مات في داخلي العدل و الأمل .
اشعر بالحيرة أمام هذا العجز
و  حياتي المهنية انتهت في حجز.  
و لا اكف أن أتساءل :
أين الإباء و هل يهتمون ؟
و لماذا لا يلتفتون و لا يدعمون ؟
و لماذا يلقون على كاهلنا كل الحمل و ينصرفون ؟
أنا أيضا سأنصرف
و لم يعد لي من دور ،إذن لأنصرف
و ضعتم  التربية و التعليم في أيدي السياسيين
فهم وسادة نمتم عليها  
و على فلذات أكبادكم، إليهم انتم مؤتمنون
أما أنا فمن يثق بي؟
صرت منبوذا مثل الكهنوت
رثاثا ،غريبا
أنادي وحدي و أطرق البيوت
يتفضلون بازدرائي
و ينعتونني بأقذع النعوت  
 فلقد كنت معلما  واهما
و ها أنا أفيق من الوهم
و أطرد عني غبش  النحس و الشؤم.
و ماذا تعلم أطفالكم من السياسيين :
بددوا مجهوداتهم في فرديات بدلا من المشاركة مع الجماعة في نظام
أهانوا بعضهم البعض عوض تبادل الاحترام  
سكنتهم الأنانية و ماتت ضمائرهم  ما عادت   لتقلق على  مصالح الآخرين النيام
 عوض الثقة في قدراتهم الذاتية يبحثون دوما  عن الزعيم ليعيشون  تحت مضلته في استسلام  .
يغمضون أعينهم عن مصائب الآخرين يفقدون الشعور و يتحولون إلى أرقام .
يحاولون أن ينمون و يزدهرون  على حساب أي شخص أو أي شيء حتى لو تركوا خلفهم الحطام

الشيء الوحيد الذي تبقى لي
في هذه الأوقات الصعبة و الغارقة في السواد
و أنتم على قدم و ساق
ترتبوا لي ما يليق بي من حداد
دعني أقول لكم أني فعلت
ما أملاه علي الضمير
في حضرة المواطن الصغير
و ما كانت تريده مني هذه  البلاد.
أنا سأنصرف
كما ترغمونني على الانصراف.
وجدة في 14-07-2017




 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق