أوراق متناثرة من فصول " المصلى"
عودة على بدء :
أحب التفكير في بساطة الجبال الرابضة ، وضفة الوادي الأثيرية
: ملعب كرة القدم على ضفة الوادي و المسابح
الحجرية التي تقاسمها الانسان مع الضفادع ،
والأزهار الباذخة اللون لدفلة الوادي: بيضاء و حمراء و قرنفلية و أرجوانية ،أحب استنشاق الهواء النقي للجبال الحارسة لمنزلنا
القديم ،وأقدر جيدا كيف يتلاشى غروب الشمس
فوق " الثنية " في الأفق و في الغابات ،و قوة الصنوبر أمام الريح ،الليالي
المقمرة في " الزاوية " أحب أن أستمتع
بالطيران الحر للطيور البرية . حقول " مزوغ "، أحب دائما أن ألتقط أشياء
تتراقص أمامي كحجر يقبع في قاع مجرى الوادي ، .....
وفي هذا المأوى الهادئ الصامت بين جبال
" لمصلى " ، أشعر بأن روحي تهزها
الرياح مثل نبتة العشب الهشة ...
بانوراما
في هذه القرية ما يحرك بركا
راكدة
من جفاف الجمود :
الأخبار
الآتية على عجالة
التي ما
احتملت إحالة و لا إطالة
هنالك في الضباب
خروف مفقود
شاهدوه يخرج في
الصباح الباكر
رفقة قطيع السلالة
ربما افترسته
الذئاب
و لن يعود .
و هناك أيضا جاري
الذي يسأل بلا وطر ،
كل غريب مر من دوارنا ، و بلا ضجر:
عن غيم رصاصي
كثيف مر فوق "الضهرة "
قبل شهر
أترك خلفه أقحوانا أو نباتا فوق الحجر ؟
و هناك عمي الحاج
بوجهه الخافت
الصبوح
يطل علينا من
خلف السياج
يسأل عن كيسين
من الاسمنت لإصلاح الساقية
طال انتظارهما
منذ السنوات البالية .
و هناك جندي هرم
في الفراش
منذ سنوات
حرب" الاندوشين " ينتظر ساعي
البريد
حاملا ردا على
الموافقة على المعاش .
وغير بعيد ، في الضفة الأخرى على مرمى البصر
تئن الحافلة العتيقة
صاعدة عقبة مساء دبدو
يزهر أنينها متقوسا
مثل الوتر
"مصلاوي" أتى من تاوريرت البعيدة
ينتظرونه بالحمار تحت الشجر
- أعين عديدة تتطلع إليه -
. حاملا معه هدايا
وطرائف و صور
سبع دجاجات وديك أبيض
، يعبرون الوادي
ضفدع تائه يحلم بمياه المطر النقية
زقزقة تسافر
عبر الوادي
تتوقف عند عين
" أم الحبيب"
و تبحث عن
لحنها
في كورال
الحوريات القادمات إلى العين .
أثناء الانتظار كتلة من الصوف و الخرق
تسقط من
السماء
ويركض الأطفال
للقبض على - الكرة - الغنيمة
و تحتار
تجاعيد القدامى من عرق
ما تصبب
من ضربات الرفش فوق الأرض العظيمة
تتوجس الأمهات
من ركض بلا جدوى
قد يقطع القلب
و يهد العزيمة .
فوق أسطح
المنازل الطينية الرابضة
أدخنة البلوط و العرعار
تصعد من المداخن الترابية إلى رماد السماء .
خلف الأسلاك الشائكة
لأشواك التوت العالية
روائح حمار يتخلص أخيرا من شظف العيش ،
و ذباب يتراقص
من رغد العيش .
أرفع ذراعي لأتكئ
فوق
سطح منزل ترابي قصير
العشب البري يستريح
تحت الشمس بعد ليل مطير
و فوق الإزار الأبيض
حبوب القمح الذهبية
تحت هدءة الشمس
تغازلها
الرياح
و لوحة لدبدو تملأ
إطار البصر .
يوم ماطر
يتعكر لون
الساقية
يعلو هادرا شخير الوادي مثل الوحش الجريح ،
يتغير لون المياه
،
تبدو الشمس باذخة
الألوان
من ملكوت ماء
يسيح
من أعلى برج "تافراطة
" تتسلل عبر الشعاب ،
إلى بيوت
تبللت مثل الدجاج
يجن جنون الوقت،
تظلم الدنيا
ويصير الكل تحت
رحمة السحاب
مطر سيبلل
الأشكال و الأفكار
تحت السماء
الجهمة الرمادية .
عمي الجيلالي تحت قبعة القش الكبيرة
يصرخ من الضفة الأخرى :
يسأل الجماعة عن
حماره الذي لم يعد
و ظل الطريق إلى
الإسطبل ؟
في منزل خراب
يعبث داخله
هواء الصقيع
، قطة تعوي وسط
البلل
كلب يتجمد جوعا و بردا
و حمار يحشوا أنفه باحثا
عن التبن بين الروث و بين التراب
تمر شرسة تلك الغيوم
الرصاصية السوداء
لتعيد ترتيب
الكل على السواء
و تترك خلفها
آثار لسانها الجارف على الطريق
آثارمدمرة لماء
دفيق
آثار طمي تفحم بلا حريق .
تغرق المراكب الشراعية
في الغابة
و يعود الحطاب
خال الوفاض
و ترسل
المداخن خصلاتها السوداء الى السماء .
سحابة كثيفة تسقط
فوق خط "شعبة التحتين "،
الكلب الأجرب الضال
يهرب من الجوع و البرد.
في تثاؤب ممل يترقب حمار
تحت السقيفة .
قدور لا زال يذرع
"الحرشة " و "الزاوية "
ذهابا و جيئة
مع لفافة تبغه
الأسود الرخيص
منتظرا قطيعه
الذي لم يصل بعد ،
تطفو الضفادع صاخبة
في "بورواض " ،
يضيع ثغاء
الأغنام مع الريح
تختفي الطيور من
هذه السماء الرمادية
مع البرد تتوحد
أسمال الأطفال البالية
و هم يتقاذفون
الكرة
تسمع صافرات قطارات
الريح
عطار يهودي -
يسبقه ذقنه - يعبر الوادي
على حماره
مهرولا قبل أن يفيض الوادي
بالكاد أسمع صوت
مؤذن المسجد
مخترقا هذه
الفوضى المتناغمة
و سيطرق جدي بعكازه على الباب ،
لنذهب إلى
الصلاة .
و تنهمر السماء
مدرارا .
بلدة
مهجورة
أزقة قليلة
تؤذي إلى الداخل
مثل أزقة
لمصلى " القصيرة "
لا يختلف
الصعود إليها
مثل الصعود إلى الصباح
هناك ساحة
"الحرشة "
التي تحفظ
أثار أقدامك من النسيان
و من الطرف
الآخر منحدرات "الزاوية "
التي دشنتها
خطاك الوفية
على جانب
الجدار الأبيض للمسجد
إطلالة على
خضرة الوادي
و الأشياء
البعيدة في الضفة الأخرى
و أمامي أطلال
تتهاوى داخلي
بشكلها الهادئ
و المحير
توقف عقارب
الزمان
فوق التراب
الميت التي خلفته
القوافل التي مرت يوما من هنا .
مساءات قيظ عادية ...
خلف دخان سيجارة شقراء
تحت شجرة
التين العتيقة
طالب من وجدة يحاضر
و يحكي عن
مدينة اسمها الدار البيضاء
تعيش فيها أمم
من كل الأرجاء
ويخبر الناس عن تغير الوقت
و عن أمم وصلت
إلى القمر
و لم تخشى الموت .
و فيلسوف
القرية
يحكي عن أحداث غابرة الزمن
و يتنبأ بأحداث
" الازلية "
لحلقات سيف بن ذي يزن
دون أن ينسى
عنترة العبسي
و فعله
في عصر سالف
الاوان
في حانوت "عمي علال "
تشرئب الأعناق
حول الورق
و هم يرشفون الشاي الصيني و الحبق
يتحلق الناس حول "البوكير "
ينتظراللاعب معجزة ورقة رابحة
لتخرج بسمته
من النفق .
سيف " السيد علي " يقطر دما في إطار على
الجدار
رأس ذئب علق في الزاوية ؛
شبكات
العنكبوت المنسوجة في السقف
في هذا الكوخ
البائس
يعبر الذباب الخبز
المكسور
على جدار النسيان
الطينية
شقوق انكسار الوقت
و لا توجد ذاكرة
إلا للحرث و الأيام الماطرة
ترن أجراس شجار
الصبيان بين "الحرشة " و "الزاوية "
ينتظر حمار
سيده لينتهي من "الروندة "
يقفز ديك ينقر
بين الحصى
مريض يركب
البغلة الى دبدو
بدا صوت شاحنة
آتية عبر الوادي
بريد مجلس
" الزاوية " للأخبار العاجلة :
وفاة زوجين في
ليلة العرس
مختنقين بغاز فحم
البلوط
و أخبار عن زيارة
"أم النحس "
و دعاء من
الجدات بحد البأس .
أمسية
خريفية
تسقط آخر ورقة من التينة العظيمة
بشكل لا إرادي تترك الشجرة عارية
يقشر صفحتها الصفراء مطر أكتوبر العنيد
و ترمي بها الرياح جانبا
المواقد سخنت بخشب البلوط
و اختفت في الخارج زقزقة العصافير
تقترب الاجساد الباردة من النار
يهز القط ذيله فرحا رغم اقتراب العاصفة .
فترة ما بعد الظهر
ازدحمت السماء بالغيوم
القطرات الأولى فضحت عيوب السطوح
و تبدأ رحلة الكآبة الرمادية
سيول جارفة من الماء
تملاني بالفراغ الموحش
تتدفق هادئة ناعمة
فيفيض حزني عبر عروقي الجرداء
في فترة بعد العصر
المطر يداهم بلدة دبدو مثل
عناقيد تتفرع ،
ينساب بسرور بين
الدروب الترابية
و قد يملأ الوديان
الجافة الفارغة
مثل أفاعي تنزل
بشغف عبر جذوع الأشجار ،
على طول الجبال
أرجل من الأخاديد
تندفع غير
عابئة
تجري في المراعي
سينظر كل من حقل
الفول و حقل الجلبان إلى بعضهما البعض بسعادة
عندما ينفجر
أخضرارهما .و ينشدان شعرا أخضر اللون .
و سيرفرف
قلبهما غبطة
إن سمعوا
زقزقة المطر الربيعي
على عتبة جبل "تبورق "
سيفتح
"مزوغ " أوراقه الخضراء
و يهدأ حضن الأرض الرطبة
مستسلما لمصير النبات .
لافتة كتبت من ريح
في هذه الوحدة
الموحشة
الدوار و
الأزقة القليلة مغلقة
بأقفال لم
تصدأ بعد
دشنتها الخطى
العنيدة للآباء الأولين .
الأسطح الصلصالية المطلية بالاصفر
النوافذ الخشبية بلا زجاج
المنازل المتواضعة المتلاشية
جدران الجير الأبيض
فترة بعد المغرب في "الحفرة "
الظلال المخفية بين أشجار الزيتون
الأشجار المكسورة على الطريق
القناديل الزيتية إذ تزرع الضوء في حقول الظلام
الظلام
الذي يغلق الأبواب
و ينهي حلقة يومية من مسلسل
"لمصلى"
ضربات البرد المتكسرة فوق أيدي خشنة
أرنو الى وقع المطر
اشعر أن القلب يقفز حائرا في الصدر
فوق عتبة حجرها الالم
أشعر بهذا الفراغ العميق
ليتني أعرف ما ضاع مني .
لو أعطيناها " للمصلى "
(على منوال حمادة )
أنا أمنحك الحياة التي لن تعيشها أبدًا
أعطيك الأحلام التي لم تحققها أبدًا
الليالي الخيالية للنجوم الساقطة فوق "
الثنية "
الأيام الربيعية التي نشطب فيها على التقويم
أعطيك يدي الفارهة من الزهور والطيور
عيون مفتوحة على المنحدرات الخضراء
أقيك تحت ضخامة السماء
الملبدة بالغيوم و الشموس و الألوان
أعطيك من العين المياه الجريحة
و الزيتون الباكي الذي صلى على الصفصاف
و
نسي نفسه و هو يشيب .
أنا لا أمنحك الحياة التي لا تعيشها أبدًا
" البطمة " المنسية في النظرة المكسورة
الرياح الغريبة التي تحمل الجفاف
الصمت البطيء ، الخطوات السريعة
و تهافت التهافت على الضباب .
لا أحكي لك القصص التي لا أكتبها أبدًا
صورة مظلمة لشجرة التين في العين
العناق الصامت لأشجار الرمان مع الموت ،
الظلال
الرطبة لوادي مخلوف ..
( ستختلي
بجرحك النازف
على الجدران البيضاء لليالي المهجورة
تمد دمع السهاد و الذكريات
على كل ما فات و مات .)
طبعا ليس في وسعي أن
أعطيك القطارات التي لم تركبها قط
القبلات المعقمة في صحيفة معدنية
و لن أبيعك كسرة الرياح والعواصف
لدي فقط أغنية الأرض ...
التي
سرعان ما تنساها
اذا هبت رياح غريبة
أنا أمنحك الحياة التي لا تعيشها أبدًا
مثلا
أعطيك كل القمامة الحزينة ل "جنان
العلواني "
لهذا الخريف الرمادي مع الطمي الرطب
أبدا لن تتخلف عن
إيقاع أسلوب حياة الفصول .
لقد تركتني وحدي لقضاء الشتاء
لقد تركتني عارية من كل شيئ
و فررت الى أماكن مجهولة مظلمة
لقد أخترت الهجر
و لم يعد يوسعك الصدر
فبيوتي مجرد بقايا من الخرق القديمة
تدفئها مواقد البساطة
نارها شعلة متوهجة من الحب
بانتظار براعم الأيام لتضيء
برحلات الطيران الوليدة للطيور البعيدة
جدي بندحو الاول
حكوا لنا انه من "أم عسكر "
و له في الشرف و الورع نسب
استوطن بلدة القناعة
فيها ما يكفي من الزيتون و الشعير و الحطب
حقولها صيفية من ذهب
عاش يكد بلا تبرم و لا غضب
كافئته الحياة بقطعة أرض
و كرمة و تينة و زوجة و اولاد
و منزل طيني على التلة
و اصطبل يملاه الحطب
كانت كل جواهره و كنزه
حقوله التي ما قدرها بذهب
في
البدء
كانت البلدة
مليئة بالأحباب
سكنها من
توردت وجوههم خجلا
كان ذلك في
السنوات الأولى
قبل أن ينظر الناس الى الأرض و السماء
من خلال خرائط
الضباب
من منظار فقير
أعطي لهم
سقط أعمى أمام
تقلبات الشعاب
كان ذلك قبل
أن تنزع ألسنتهم
ويتم استبدالها بألسنة الذئاب .
في البدء
كانت الطرق
تعبد بالحب و بالجوار
و كان فعل
الخير طبيعتنا الأولى
و أصل ما فينا
من تفرد و إصرار .
كانت الحياة مياه ساقية تسير في هدوء
قبل أن نفتح للغريب أبواب الزمن
و يمر بنا
عطشى أمام العين
و لن نشرب إلا المحن .
لبعضنا البعض كنا حزمة حطب
لمن يعيش خارج ضمير الوطن .
هؤلاء الذي لقحونا ضد مرايانا
وسيجونا
في إطار الشجن
شخصوا أحزاننا و رأوا في مستقبلنا
رسالة لهم من تقلبات الأرض و الزمن
الحياة كانت جميلة يا بن عمي
قبل مباريات مصارعة الديكة
و قبل أن يأتي من يعطينا الصيغ
و يتوقع منا أن نكون على حقه
و أن لا نكون ما نحن عليه
و أن نكون نفس الشيء .
و
قبل أن نهجر مواقدنا
و تصير
الشاشة نديمتنا في السمر.
لقد سمحنا للوقت بالمرور بيننا
حينما احتلت أجنحة بدون هواء الفراغات
لقد دمرت
العش و القش
و حولت حياتنا الصغيرة تفاهات
مرة أخرى :
مزقت العاصفة هدأة الجبال
مشطت الرياح في هذيانها
شجيرات بضة تجثم على التلال
الناس تشد على قلوبها خوفا
أن يمر العام بلا غلال
أي روح ستتجول بين هذه الربوع
بحثا عن أثير حبة قمح
أو جارة تسأل جارتها قبضة ملح .
قبلات مائية لهذه البرية
الرابضة بين الجبال
تفوح روائح من الأرض العطشى
تستفيق المخلوقات من الخمول
الحياة تطفو على السطح
تحت صنابير من السماء
وسط النحيب المأساوي للعاصفة
تتدلى قطرات سميكة
على السطوح و الدروب و الاشجار
أشياء كثيرة ستعاني من الشهادة
بدون شكوى !
تعبق في الأحراش رائحة الفجر
و تستيقظ " المصلى ' تحت شروق الشمس
و لا زالت تعاني من التعب
و شجيراتها تستفيق و تبتسم في همس ،
جراح تلملمها بلا غضب
و تمسح عن وجهها الدموع
تفتح لنا شرفاتها
و تعلن أن كل ما فقد
هو الآن في طريق الرجوع .
من يعرف تلك "المصلاوية "؟
من
يعرف تلك العزباء
ذات الحنجرة الدافئة الغناء
و الوجه الثلجي المندهش
و السكون الرقيق المرتعش
من بقي له تذكارا
أو صورة
بالأبيض و الأسود
أو خصلة منسدلة من ليالي سوداء ؟
كانت حينما لا ترتدي الوشاح
يحب شعرها أن يتلاعب مع الرياح
كاشفا عن وجنة حمراء
تمرح
فوقها حروق شمس
مثل خشخاش في حقل القمح
تحت توهج الضياء
اليدين البنيتين المتشققتين
الرجلين المنتفختين
و عينين تغازلان الضياء .
و لا شيئ يقلقهما سوى الرياح الرعناء
التي تضايق تنورتها الطويلة
مشيتها حشمة و تواضع
بين الزهر و الماء و الهواء
وردة تتنفس هالة الربيع
وردة لؤلؤية تنمو في الحقول
تحترف الضحك والرقص و الغناء .
هذا الهدوء المنتشر في الحقل يا سيدتي
ود لو يكون مثلك
ود لو يصير بعضك
امرأة ريفية من " لمصلى "
ما اجمل أن تكوني من النساء .
يا له من صباح الصفاء
الريح الذيذة و الطازجة
تداعب خصلات شعرك
فتطير كأجنحة في السماء
انظر إلى ابتسامتك في الماء الرقراق
آمنة حرة كالريح و الوقت
حينما يعم الهدوء و تستسلم الأشياء
أنشودة
طفل ( أغنية طفولية ):
ما أقسى
الذهاب وحيدا إلى دبدو
تعبر للطرف
الآخر
ستنظر إلى
شكلك
و لا تعرف كيف
ستبدو
ستعبر الوادي
الناشف المقفر
يعصرك الخوف
من جن يقبع
خلف الشجر
أو دجاجة
بكتاكيتها تغدو
فلا تجد لك
مناصا
فتطلق ساقك
للريح و تعدو
ما أقسى
الذهاب وحيدا إلى دبدو .
فناء جنان العلواني
بعد أن تعلم من
دورة الأجيال أن التين قد تم قطفه
وأن الشمس ونهاية أكتوبر قد لونته بالحلاوة ،
يسعى الفناء الفسيح لجنان العلواني
إلى أن يكون مختلفًا ، ويصبح خاملًا
،
غير عابئ بنداء الساقية
وتهدأ نفسه متعبًا وخجولًا ،
تحت رحمة الريح المتعبة ،
يريد أكتوبر أن يكون قصيدة حزن ، تفكر
الأيدي الخريفية التي تدير حرائقه ،و تضع حدا للضوضاء الغير المهمة . الكلمات
ترتجف من البرد ولاحظ كيف تخاف أوراق
التين من الفراغ الرمادي ، وكيف تتحسر العصافير على السقف الذي كان بمثابة
مأوى لها ، وحدها أشجار الزيتون القديمة تضيء
لوحة لون النحاس الجاف
تتجول
الأوراق
بلا حياة ، من بين المنحدرات ،
ينمو اللون الأصفر/ الأحمر من الاسم
نفسه ، ويبحث الضوء عن زوايا لظلاله ،
والأبيض الأزرق الباهت الغائم يطل على المشهد
امرأة تغسل الملابس جنب الساقية
ورجل و حمار و رفش في إجازة،
إنه نوفمبر، لا مجال للشك
أن فناء جنان العلواني
يحتاج للنوم فقط.
يوم ثلجي
جزيرة صغيرة وسط البياض
حواجز شفافة عدوانية و تماثيل شفافة .
تغرق الأجساد في حزن
و
تنكمش تحت الأسمال
و يتحول هذا البساط الأبيض الطاغي
إلى
عزلة قاسية باردة .
عندما يتساقط الثلج
يتساقط حزن أبيض بداخلي
ثلج أبيض جائع كئيب
يحيل الحياة في " المصلى " إلى جثة هامدة
.
يندفع البرد بعنف
و ينتحب خلف الابواب
الموت
البارد يبسط أوراقه
و صراخ لا صوت له إلا في أذني
انها تمطر ثلجا .
هذا الثلج الذي أطفأ النجوم في مملكة
الماء
بعد أن ينام سيستيقظ
أكسيرا بلوريا في مملكة الصفاء
ليعيد الحياة في الارض
و تعود النجوم للسماء
كل ما نام تحت الصوف البيضاء
سيقوم ليجري من جديد .
فجر آخر سيشرق
و بريد الشمس سيبرق
ترسانات مكسوة من بياض البهاء
أفصح عنها الصباح البارد
ذو الهواء العدواني الخافت
تحت سماء الكريستال المتجهمة
فرسان الخطوط الأولى :
لحم و عظام يعيدان ترتيب الحياة
و يفتحون مسارات العزلة البيضاء
شيئا فشيئا تدب الحركة
و ينحني الصمت الابيض
تحت الخطى العنيدة للفلاحين و الرعاة .
بالحطب الذي جمعوه
الناس يقضون الشتاء
يعيشون على القناعة
يأكلون حنطة الصيف
سي امحمد
أبي سي امحمد
كما عرفوه
كان بالفعل يستطيع أن ينسى أشد المعانات
ويغفر للناس أخطر الإساءات
وتمكن رغم كل شيئ
من البقاء مخلصًا وعفيفًا
لدينه و دنياه
صاحب تجربة روحية غير مبال
بفقاعات في الحياة
لقد كان يعتقد
أشياء عديدة
مثلا يرى الماس
في المطر
والياقوت في قطرة
ندى
و الذهب في سنابل
القمح
و العبادة في العمل
ويعطي للحب أكثر من العقل
وهذا قاده الى
قناعة الأتقياء
عاش مثل طائر
النغاف بلا أعداء
و كان ربه كل ما يخشاه
و كان مخلصا لدينه و دنياه .
حتى جاء اليوم
الذي
افتكرته إرادة
السماء
عمي عبد السلام
فلاح بطبيعته
قلبه ينبض بنبل من القرون الوسطى
ذلك كان عمي عبد السلام
عاشق للحقول
عاشق للغناء
طيب و صادق بلا قناع
أحلامه بين الارض والسماء
و
سافر في العديد من الحقول
و درس تاريخ النبات
و جغرافية الأشياء
عاش وفق ايقاع الفصول
لا تعرف يسراه ما تملك يمناه
يشرق عطفا وجهه الخجول
و كأن لا شيء يضيع أو يزول
لوحة من ظهيرة صيفية قائظة :
في المكعبات الطينية الحزينة
الرابضة تحت سفح الجبل
و في صمود خضرة أشجار الزيتون
أبحث عن لوحة
تحرك في داخلي المشاعر الأخيرة
و حتى و إن صارت العظام ضامرة
تحتال على العيش في زمن الظهيرة
من يحرك فرشاته
حتى تتحرك الحياة في صور بلا ألوان ؟
هناك صور تزين الإطار العتيق
فكيف لا توجد ذاكرة إلا للنسيان ؟
من أقام للشمس حقولا و بساتين
تصدح
حياة على جنبات الوديان ؟
من أولم من عرقه أخاديد
للأيام الماطرة
و من أراق من عرقه
ليسقي حبا و عنبا و رمان ؟
أقلب الصفحة و أغمض عيني
عن الريح المميتة
التي اجتاحت الشجيرات في " جنان العلواني "
خريف جاف يقضم الأرض قبل الأوان
بدون استئذان يجلس بيننا
يخاطبنا بكلمات جافة
تتطاير اوراقا صفراء يكتبها الزمان
و نهاية مفجعة لأشجار تين "جنان العلواني "
التي لن يضيء اخضرارها إذا الربيع القادم حان .
5- تافراطة
أراقب الطعام بهدوء
- حول
طاولة من تراب -
خمسة حصادون و راعي صغير و حطاب
متحلقون
جالسون.
أرضا يحاصرون الطبق
مشمرين عن أكمامهم
مستأثرين في هدوء يأكلون
مع كل قضمة تصعد فكرة تسد الرمق
كيف سينهون حصادا
يمتد الى آخر الليل
و ينامون قانعين بلا قلق ؟
السنابل الذهبية المطأطئة المتوهجة
التي
ازدادت يوما مع مطر السماء
و
نمت خلسة تحبو
و
تأرجحت كصبية
على إيقاع موسيقى الرياح
و عاشت في جمال غروب الشمس
رافعة هامتها للسماء
ها
هي الآن تمد قوامها
لمن يسلبها جمالها و غناها
طبعا ستتدحرج تحت ضربات المنجل
لكن جوهرها سيظل يعطر الأرض .
( في
حكاية الرجل الحصاد
تعكرت سحنته تحت الشمس
و هويمارس عملا قد لا يطاق
يشعر المستمعون
بالتضحية و لون السنابل في الشفق
بينما أمهر طبيب يعرف
انه لا يوجد علاج لهذا الإرهاق )
الفاتح للارض : جدي محمد
بمحراثك أعدت الحياة
للأرض البكر والتربة
الخامة
أحلامك في راحة يديك
و التراب مصيرك
كنت إن نظرت إلى السماء
سائلا الله أن يرزقك
استجاب الله الى الدعاء
و قبلت جبينك قطرات مطر
أحيت البذور و النبات
في
حقول الصبر
يداك المتصلبتان هما فاكهة
خبز أطعم الكثيرين
و دفء وسط الطبق المشترك
جدي بندحو الأول
مات غنيا ، صدق أو لا تصدق
مات و لا زال قبره مجهول
كان له شرف أن يكون مؤمنا
وأن يمر
من هاته الحياة
كان أبا للعائلة كلها
في كل فجر ينبلج
يحمد الله على ما أعطاه
و ما
رده للفقراء
ليعيش بسلام في دنياه
و حتى كونه فقيرا
كان يشعر بالغنى وسط هذه الربوع
قصره مسجد
و قلعته دواره
و عائلته هذه الجموع
كان يعرف امتياز أن يكون ثريا
و أن يحفظ
القرآن جيدا
و يصلي الصلاة متخشعا
و يحلم بحج لقبر الرسول بلا رجوع .
عمي محمدين
كان قويا كالصخر
و نقيا مثل الكريستال
مرادفا للنزاهة
مدافعا عن جيرانه
أربي اللباس
محب الخير لكل الناس
كان كلما خطى بيننا
اتسعت هيبته بلا توقف
- مرآة في بركة صافية :
هناك ، من بين
كل ذكرياتك ، ذكريات
ضاعت بشكل لا يمكن
إصلاحه.
لن ترى الغابة الخضراء
و لا "
اسلان " و حفلات الشواء
ولا الصفصافة التي عبرت عليها الوادي
و لا أخواتها
اللواتي شققن عنان السماء
و لن تنزل إلى
تلك التينة العظيمة قرب العين .
ندم حزين مهجور فوق أطلال
أبدا ، و لن تكون ذلك الطائر
الذي يتحدى نفسه ليكون جديرا بالعودة الى العش
يحمل
الحب و الدفء و القش .
الكثير من الأمنيات المتحمسة لصمتي
و هذا الحزن الذي يرافقني .
أتذكر ، قبل أن يقصفنا التلفاز
بالأخبار الكاذبة المداعة
و يطل علينا برأس الحية القبيح
كنا أحرار في أرضنا
و كان الحب فاكهة برية مشاعة
و لم يوجد شيء عليه لنختلف
كنا كلنا أبطال و لا جدوى لأحدنا
أن يتفوق علينا أو يحترف .
كانت الغابة الخضراء ملكنا
و كانت لنا أغانينا
التي نلونها بلون أمانينا
و كنا نعد الطيور التي ستغرد لنا
وننظر في غبطة للسماء :
نجامل حبة التين الأولى بين شفاهنا .
نظراتنا كانت ترسمها الوجوه الصافية
في سماء زرقاء و شمس دافئة
تتحول ليلا إلى ضوء قمر خافت وديع .
الرجال مصنوعون من شجر" الجبوج "
النساء مصنوعات من قرنفل و من زهور
الأطفال تويج يشق عنان السماوات
العجائز حكمة لا تنتهي بين السطور .
الحياة تجري صافية مثل الساقية
نهر عسل
لذيذ
يكفي لان تعيش سعيدا
قليل من الصحة و العافية
و الآن
لم يعد هناك مصباح
قادر على
تجميع ظلالنا المتناثرة
الباقية ،
و تناثرنا على الهامش كالهشيم
اعترانا الذبول
وحدها أشجار الزيتون
بقت صامدة
تراقب أجيالا لم
تفقه حكمة الأولين
لماذا يدور الزمن
و يفقد إخضراره مع تحول الفصول ؟
شريط مشروخ
حينما يعود الزمن
و أخرج تراتيل الذين حلموا
بأنهار في جنة عدن
تمر الرحلة التائهة
شريطا طويلا حزينا من الفتن
لذاكرة تقطعت بها السبل
و انظر حولي
و لا اجد حتى ظلي
هؤلاء الذين رحلوا
لماذا اخذوا كل شيء ؟
لماذا لم يتركوا لنا شيء ؟
لماذا دفنوا معهم أسرار
البلابل و شقائق النعمان
لماذا أوقفوا الزمان
و أخذوا معهم الأيام الجميلة؟ .
نداء فوق السطوح
هل تتذكرون الأمهات
اللواتي غسلن أوساخنا في "بورواض "
و كن يفركن
" الهدادين "و الالحفة "
ثم يغرقنها في الدلو الحجري
لازالة " تغيغت " و الرغوة
في زمن لم يكن فيه حرير و لا أقمشة ؟
أتتذكرون
؟ و كأني أراكم واجمون
حينما كانوا يجففونها على الاشجار
ليحملونها معطرة
في آخر النهار ؟
ها هو الليل يلتهم الشموع
الواحدة تلو الأخرى ببطء
بدأن يختفين
الواحدة تلو الأخرى ببطء
بدأن يختفين بلا
رجوع
مثل أوراق التين إذ حان موعدها
و سقطت من عليائها في بهاء .
أيتها الامهات الحزينات لقصائدي العاجزة
التي ما احتملت أجسادها القديمة
لقد مت في فترة بعد الظهر
بجانب المغسل الحجري " بورواض "
و غسلت صمتي لابكي معكن
أيتها الامهات في الايام الباردة
أعلم أنه في يوم من الأيام سينفجر حزني
و لكن بعد فوات الاوان
لم يتبقى لي إلا ألم يتجعد داخلي
و مع ذلك سأحمل عاري و" قلة الحياء
"
و أمضي أيامي في البكاء
على الطفل الذي ما زلته
الذي تحمل النحب
و لم يتحمل الكثير من الحب .
جدي "أمجين "
حدثني جدي امجين
أثناء تناول بلبول الصباح في" الحفرة "
عن عفاريت و أباريق ذهبية
و عن عاصفة البارود
التي
مرت من دبدو
و عن أمم مدت صولجانها الصليبي
و عن عام الجوع
و عن تاوريرت و وجدة
و عن بلقيس في اليمن ..
كان يجلس في "الحفرة الحجرية "
عرش حجري يراقب منه دبدو
يخطط بعكازه على الارض
لم يكن غامضا كالآخرين
كان الوحيد الذي يفهم ما يقول
فينثر الحكمة في مجلسه
ينبوعا من ماء رقراق هادئ .
مع تعاقب الفصول
أصبح ظهره المؤلم ينحني
مثل شجرة
الصفصاف في الرياح
و لكن حكمته و ايمانه
هي الفجر حينما ينبلج النهار
جدتي فاطنة بنت القلعي
غادرتنا ذات صباح
حاملة كنوزا من الذكريات
مثل هواء مر و لم يعد
مثل نهر سال و لم يلتفت
هذا الصوت الحاد الذي ما خبا
والوجه الأبيض المصقول
الذي يحمل تجارب هذا العالم
كنا نحلق حولها
مثل موقد النار اللذيذة
فتبدأ الأساطير القديمة في الظهور
حكت لي عن بلاد " الاغوال و الأهوال "
و عن ملكات حزينات سقن الى الأسر
و ساحرات شاحبات بشعور بيضاء
ذات صباح هتفت
هذا الكأس فاض
ولن يتحمل المزيد
فأصبحت الذكريات القديمة
باهتة حزينة بلا لون و لا صوت
ذهبت و ضاع كل شيئ
معها
ماتت حكمة طب الاطفال
و أسرار الوقت و النبات
و قصصها النادرة عن القبائل
لم يتبقى إلا صندوقها الخشبي القديم
و بعض الأثاث تحت الوقت و الغبار
هاته التي كانت أمينة سر
لمن سبقوها في قياس الحياة و الأشياء
إدريس ولد الوجدي
طبعا
بقريتنا شاعر فنان
كانت تسحرنا كلماته
- التي يعجنها من أحاسيسنا -
الموزونة بالميزان
عيناه الوديعتان كصقر " الثنية " تجيدان النظر
رأتا
ما لم يره الآخرون
و ما خبأه المكان
كان يولد الشعر من نظرة
و كانت الاستعارات و الصفات الدقيقة
تهطل سحرا في داخلنا بلمسة
أي إبداع و أي إمتاع
يا ساحر الكلمات و المعاني
حيث القوافي لا تجد توهجها
إلا تحت إبطك
و أنت تطل من شرفتك على العالم .
صراحتك الطفولية و تجربتك كرجل عجوز :
نحلة تقفز من مملكة الشعر
لتترك عسلا فوق الشفاه
و تلسع سخرية لذيذة
مرآة قلوبا ضعيفة .
كرمة نحو السماء
في منزل القديم لجارنا
كانت هناك كرمة مرحة
امتدت على الحائط ظاحكة خضراء
نمت و عانقت السطح نحو السماء
العين مرة أخرى :
حينما أهبط المنحدر
إلى عين " أم حبيب "
أحس أنني قد وصلت إلى المستقر !
كم كانت المياه عذبة
ترتوي بها الشفاه في أيام الصيف الجذبة
أغسل يدي في مائك الوطر !
فتعاودني تلك الرائحة الخاصة
التي أحتفظ بها في أعماقي
كجوهرة غامضة أو حقل في "مزوغ " الفسيح
هنا أشم رائحة الوادي و الشجر
و أقترب من الكرسي الترابي
و أجلس لأقضم من صفائك .
المرور أمامك يولد الرغبة للبلل
و كنت حينما أحني شفاهي
لأشرب
تطالعني
صورتي الحريرية
في الماء الشفاف .
و في هدأة الليل
كانت هناك نجوم في الاعلى
وحوريات ينشدن في الاسفل
يوم بعد يوم
و سنة بعد سنة
قاومت الموت
و جف حلقك من الطرق على كل بيت
من يعرف كيف يصرخ اسمك ليحفظه؟
كل ما عشته و كل ما نسيته
ذكراك تهرب منا
الى قاع الصمت .
مصلاوي : "سميميع الندى"
كنت أعد على
أصابعي
الأرض ،الرياح
، الضباب، الهواء
عصوات الرعاة
ماعز و
خراف جيراننا
و وقع تساقط المطر
أضيف العشب للشمس
،
فيزحف الظل في همس
يتحول العرق إلى قمح
ألاحظ السيقان
في الشفق
و أحسب كل غمامة
تسد الرمق
أعد وقع الندى
في الفجر
أحاول ألا أنسى
أي صمت ،
ولا شاهد و لا
نصف صوت .
لكني الآن
نسيت أن أعد
نفسي ..
و ضاعت همتي و
خسرت بأسي .
الحياة
مرة أخرى
وردة الحياة
تذبل ،
و الخريف
القادم لا يمهل
و قد سكتت الأشواك
و لم يعد لها
ما تحكيه عن العشاق
أختفت الكلمات
في طي النسيان
أشياء كثيرة مكتوبة
من سينساها ؟
لون الدروب
الترابية
لوحة الجبال في
الشفق ،
أولئك الذين
يبحثون عن زوايا مستحيلة من أجل حب أفضل
المصلاويون المفعمون حيوية بابتساماتهم الرائعة
صياح الديكة
في الصباح
نباح الكلاب في الظلام ،
ضجيج الاطفال
في الوادي
الصمت اذ ندخل
مدينة الاموات
دردشة النساء من فوق أسطح المنازل
ثغاء الأغنام وهى
عائدة إلى الزريبة في المساء
المنازل الغير
المرتبة ،
المنازل
الفوضوية
الذكريات التي
تركت على حافة الطريق
الذكريات التي
حافظت على البلدة الكئيبة
الحب الذي
يلمح إلى نفسه متأخرا حينما يأتي الوداع
الساعات التي
تنسج الهدوء بجوار النوافذ الرمادية
الصمت للفراق
حينما ينسج مقطعه المخيف
المساء الغامض
والرائع لشمس تسقط على " الثنية "
هيجان الوادي
فوق طاقة البشر
عالم صغير
تتبلت فيه روائح التراب و الزيتون و
الرمان
حقول
"مزوغ "
لوحة هولاندية
ترصد دروبا من البهاء
الساقية تخترق
لمصلى اذا تسيل من صفاء
هذا الحب الذي
يولد محمرا بين الخدود في الخفاء
و هذه الهامات
المطأطأة حياء .
وفي النهاية هربنا
من البيت الكبير،
و أصبح أهلنا ذكرى قديمة بين الحقول ،
و أيامهم
شاحبة صفراء
عبثا نبحث عن
المصب
زاحفين ، هاربين من الذبول
فينظر الينا الجفاف
كحيوان بعيد وحزين
وفي النهاية هربنا
من الذهول ،
من أجل سراب ، عبر البحر ،
بحثًا عن مجد
يبتسم لنا
تحت سماء أخرى
تنبث غابات الوهم.
تاوريرت ابريل 2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق