لقد كان على الوزارة و النقابة وضع أشخاص على قاعدة التمثال ..و لم يجدوا إلا معلمي السبعينات و الثمانينات و رغم أنهم ساهموا في بناء حاضر المغرب أكثر من أي مهنة أخرى، الا أنهم أبوا ان يكرموهم تحت التراب ...الى زملائي ضحايا النظامين .
معلم مدرج في قوائم الموت
هي رحلة للصمت
و الأكيد ربما ستكون الأخيرة
قبل أن نهبط من هذا القطار
في محطة موحشة خالية
و تتوقف عقارب الوقت .
هكذا أصبحت تحتل السكون
ثم لا تحس بخطواتك و تمشي منسدل الجفون
و لا تدري ما تشكل فيك
من نهايات تدكك إلى حد الموت .
أرقام خشنة تفتق جلدك :
ازميل و مطرقة ينحتان تمثالا
من هيكل عظمي لمعلم
صنع لهذا الحاضر المعجزات .
ضباع الغابة تحاصرك
غير عابئة بما تبقى لك فوق الارض من لحظات
لا ترحم لا برعما ...و لا كلمات
و لا هذا الهيكل الطبشوري المحنط
بلا حركة و لا أصوات .
ثعابين الظلام التي آويتها في دفاترك
حفرت غيران تحت قسمك .
( تقاسمت معها الكسرة و الفراش
هي التي تحيلك الآن على المعاش)
يا معلمي ..كل ما أمامي يحتضر
ما عاد الصمت ينتظر
هو أيضا يزحف رويدا رويدا لحدود الكلمات
و سيرغي و سيزبد مثل عاصفة
و يكسر كل الأبواق و كل الصفارات
هذا الصمت يهب ريحا
لينفخ في الهيكل العظمي الذكريات
و يبحث عن مفقودين
ما شملتهم خانات الكلمات المتقاطعات
تخلت عنهم قطارات التعليم المهترئة
و سكته الحديدية المجعدة
و إشاراته الغريبة .
في كل مرة تبتسم فيها المطارق
و تنصب في الفصول المشانق
تفزع المزيد من الطيور هاربة
من رصاص المجانق :
و يقفز فوق أعناقنا من
يدافعون عن الصمت
و يؤيدون الرجوع إلى البيت .
و يختبئون وراء النوافذ المكسورة
أشعر بغصة حادة في حلقي
حينما أعيد عقارب ساعة رملية إلى الوراء :
نفس الصورة الحزينة تتكرر
في ساحة باب الرواح
بعد حفلة الصراخ و النواح
الجميع سيرتدي نفس الصمت
و تسكت النقابات عن الكلام المباح.
يتحدثون عن دورة
تستنزف ما تبقي للهيكل العظمي من ركض
و حاجز رهيب و مخيف
يشير إلى ما لا نهاية ..
نهاية المسار للسكة المتهرئة .
ارفع يأسي تجاه حطام الوقفة الاحتجاجية
أجلس منتظرا فوق المقعد الممزق
أمام وزارة التربية الوطنية
كل الأحلام ألغيت بجرة قلم
في آخر محطات قطار الألم
و حرقت آخر ما تبقى من فحم ذاكرتي
الآن أحتاج هذا الصمت
أحتاجه ليسافر في دمي
لأنني في عداد المقودين
مدرج منذ زمن بعيد
في قوائم الموت .
شتاء 2016
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق